أيام قليلة، ويهل علينا خير شهور العام، إنه شهر رمضان المبارك، الذي عظمه الله عز وجل بأنه شهد نزول القرآن الكريك، على خير خلقه نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)، وفيه فرض المولى عز وجل الصيام، وحث فيه على أهمية الصلاة سواء المفروضة أو القيام.
فعن النبيّ (عليه الصلاة والسلام) أنه قال: “مَن قامَ رمضان إيمانًا واحتِسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ”. (صحيح الألباني)
لذلك على كل مسلم أن يستعد لهذا الشهر أحسن استعداد حتى لا يتفلت منه دون أن يشعر بذلك، ومن طرق الاسىتعداد لاستقبال هذا الشهر الكريم، أن يهيء الإنسان قبله نفسه، وأشد ما يكون الحاجة إليه، هو الخشوع في الصلاة، فلا صيام لمن لا يتم صيامه.
والخشوع واجب على كل مسلم لاشك في ذلك، قال تعالى: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ” (البقرة: 45).
يقول العلماء في تفسير هذه الآية، إن الله عز وجل يقصد منها ذم غير الخاشعين، أي من يقف ينوي الصلاة وتفكيره في أمور أخرى من أمور الحياة، فلا يعطيها جل اهتمامه ولا تركيزه، فينهيها كأنها حركات يؤديها وفقط.
ومما يدل على وجوب خشوع المسلم في صلاته، قوله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ » (الؤمنون: 1- 2)، ثم أعقب ذلك بقوله تعالى: “أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “. (الؤمنون: 10- 11).
ذلك أن السكون هو الطمأنينة في الصلاة، أي تأخذ وقتك وراحتك فلا تختصر أو تتسرع، وإنما تعطي لكل ركن حقه سواء في الوقوف أو الركوع أو السجود، وحتى وأنت تسأل الله فسأله كما شئت لكن وأنت معطي كل تركيزك فيما تقول.
ولأهمية الخشوع في الصلاة، نهى الله عز وجل عن النظر إلى السماء، بل إلى موضع السجود.
فعن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك فقال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم”.
كما نهى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عن التلفت في الصلاة لأنه يناقض الخشوع، فعندما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عن حكم الالتفات في الصلاة، قال: “هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد”.