ما هي أحكام صلاة أهل الأعذار؟

صلاة أهل الأعذار

صلاة أهل الأعذار

إذا عجز عن القيام مطلقاً أو شق عليه، بسبب المرض أو خشية زيادته أو تأخر شفائه، فإنه يصلي قاعداً.

1-  المقصود بأهل الأعذار

الأعذار جمع عذر، وهو الحجة التي يعتذر بها، مما يرفع اللوم عما حقه أن يُلام ؛ كالمرض، والسفر، والخوف.

وهذه الأعذار إذا وجدت في المصلي، فإن الصلاة تختلف في بعض أحكامها من حيث الهيئة والعدد.

والأصل في ذلك قول الله تعالى: “لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا”، وقوله سبحانه: “مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ”.

2- العاجز عن القيام:

– يجب على المصلي صحيحاً كان أو مريضاً أن يصلي قائماً ولو بالاستناد إلى شيء كعصا أو جدار؛ لأن القيام في الفريضة ركن من أركان الصلاة، فيجب الإتيان به عند القدرة وعدم المشقة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: “إِذَا أَمَرْتُكُمْ بَأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم”. (متفق عليه)

– أما إذا عجز عن القيام مطلقاً أو شق عليه، بسبب المرض أو خشية زيادته أو تأخر شفائه، فإنه يصلي قاعداً؛ لما جاء في حديث عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ”. (رواه البخاري)

3- العاجز عن الجلوس:

– فإن عجز المصلي عن الصلاة قاعداً، صلى على جنبه، ويكون وجهه إلى القبلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ”.

والأفضل أن يصلي على جنبه الأيمن؛ لما روي عن علي مرفوعاً: “… فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِداً، صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ…” (رواه الدار قطني، وإسناده ضعيف)

فإن شق عليه الجنب الأيمن صلى على جنبه الأيسر ووجهه إلى القبلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد الجنب الذي يصلي عليه فقال: “فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ”، فأي الجنبين كان أيسر له صلى عليه، أما عند التساوي فالجنب الأيمن أفضل؛ لعموم حديث عائشة رضي الله عنها، “كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَيَمُّنُ في تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وفي شَأْنِهِ كُّلِّهِ”. (رواه البخاري ومسلم)

– وإن عجز عن الصلاة على جنبه، صلى مستلقياً على ظهره، وجعل رجليه إلى القبلة؛ لحديث علي السابق: “فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً، رِجْلاهُ مِمَّا يَلي القِبْلَةَ”. وروي في زيادة من حديث عمران: “فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِياً” (عزاه المجد ابن تيمية والزيلعي وابن حجر للنسائي)

4- العاجز عن الركوع والسجود والذكر في الصلاة:

– إذا كان صاحب العذر قادراً على الركوع والسجود مع عجزه عن القيام، فإنه يجب عليه الإتيان بالركوع والسجود على صفتهما الكاملة.

– وإذا كان قادراً على الإتيان بأحدهما، فإنه يجب عليه فعل ما يقدر عليه، ويومئ فيما يعجز عن الإتيان به.

– أما إذا عجز عن الإتيان بهما؛ كحال من يصلي على جنبه، فإنه يومئ بالركوع والسجود برأسه ويجعل سجوده أخفض من ركوعه؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صَلِّ عَلَى الأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَإِلا فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ” (رواه البيهقي). وفي حديث علي السابق: “… فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ”.

– أما إذا عجز المصلي عن الإيماء في الركوع والسجود؛ كمن أصيب بشلل كامل؛ فإنه يومئ بعينيه مع استحضار الفعل بقلبه؛ لأنه قادر على الإيماء فأشبه من يومئ برأسه، ولا تسقط الصلاة عنه ما دام سليم العقل؛ لقدرته على الإيماء مع النية.

– وإذا كان المصلي عاجزاً عن القول بلسانه في أثناء الصلاة لخرس أو قطع لسان، فإنه يستحضـر القول بقلبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَمَرْتُكُمْ بَأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم”.

6- تبدل حال العاجز أثناء الصلاة:

– من صلى على حالٍ ثم قَدِرَ على ما هو أعلى منها، انتقل إليها؛ كمن صلى جالساً، ثم قدر على القيام في أثناء الصلاة، فإنه ينتقل إلى القيام، أو صلى على جنبه ثم قدر في أثناء الصلاة على الجلوس، انتقل إليه ؛ لأن العلّة التي من أجلها عمل بالرخصة قد زالت، فتعين أن يعمل بالأصل.

– وكذا إن صلى على حال ثم احتاج إلى ما هو أدنى منها، انتقل إلى الحال الأدنى ؛ كمن صلى قائماً ثم شق عليه القيام، أو صلى قاعداً ثم شق عليه القعود، انتقل إلى القعود أو الاستلقاء بحسب حاله.

– ومن قدر على القيام إذا صلى منفرداً، ويعجز عنه إذا صلى في الجماعة، فإنه يخير بين الصلاة منفرداً أو حضور الجماعة؛ لأنه يفعل في كل منهما واجباً ويترك واجباً، فاستويا.

7- الصلاة على الراحلة للعذر:

– تجوز صلاة الفريضة على الراحلة إذا تعذر النزول عنها بسبب التأذي بالمطر أو الوحل؛ لما روي عن يعلى بن أمية، “أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ انتَهَى إِلى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالبِلَّةُ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُم، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِم، يُومِئُ إِيماءً ؛ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ”. (رواه أحمد والترمذي)

– كما تجوز الصلاة على الراحلة كذلك لمن خاف على نفسه من عدوٍّ أو سَبُعٍ، أو يخشى العجز عن الرجوع إن نزل، أو يخاف الانقطاع عن الرفقة في السفر؛ لأن من هذا حاله يعدُّ خائفاً على نفسه، فأشبه الخائف من عدوه.

ولكن يجب عليه استقبال القبلة، والإتيان بكل ما يقدر عليه من أعمال الصلاة.

– وإذا كان المصلي في ماء أو طين ولم يمكنه الخروج منه، ولا السجود عليه إلا بالتلوث والبلل، فله أن يصلي بالإيماء ويجعل سجوده أخفض من ركوعه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَمَرْتُكُمْ بَأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم”.

أما إذا كان البلل يسيراً لا أذى فيه، لزمه السجود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاته وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين. (متفق عليه)

_________________________

المصدر: موقع إدارة  الإفتاء بدولة الكويت.  

مواضيع ذات صلة