فقه النوازل: ما حكم حضور من ابتلي بشرب الدخان لصلاة الجماعة في المسجد؟

هل يجب عليه أن يحضر لصلاة الجماعة أو أن حضور الجماعة ساقط عنه؟

تعريف الدخان: الدخان (التبغ) هو نبات من الفصيلة الباذنجانية تشتمل على أكثر النباتات السامة كالبْلادونا والبنج. وأصل هذه النباتات في بلاد الغرب، ولم يعرفها المسلمون إلا في نهاية القرن العاشر وأدخل الإنجليز الدخان على المسلمين في عهد الدولة العثمانية، وأدخله إلى بلاد المغرب رجل يهودي يزعم أنه حكيم يداوي الناس، ثم بعد ذلك جُلب إلى بقية بلاد المسلمين كمصر وبلاد الحجاز وغالب بلاد المسلمين.

لما ظهر هذا الدخان اختلف العلماء رحمهم الله في شربه هل هو محرم أو مكروه أو مباح؟ على ثلاثة آراء، والصواب في هذه الآراء أنه محرم:

والدليل على ذلك: أن الله (عز وجل) قال: “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً”. (النساء :29)

وثبت طبياً أن هذا الدخان يحمل سموماً قاتلة للإنسان، والإحصائيات الطبية تذكر أنه ما يقرب من خمسة وعشرون مليون شخص يموتون سنوياً في العالم بسب الدخان، فهذا من قتل النفس والله (عز وجل) يقول: “وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”. (البقرة: 195)

حضور من ابتلي بشرب الدخان لصلاة الجماعة في المسجد

وأيضاً لما في ذلك من الأضرار التي يتفق عليها الأطباء، للقاعدة الشرعية:” لا ضرر ولا ضرار”. وأيضاً لأن هذا البدن لا يملكه الإنسان.

ولأنه أيضاً من الخبائث ومن صفات النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، وهذا الدخان له رائحة كريهة.

وبعض العلماء قال يحرم عليه حضور صلاة الجماعة وبعض العلماء قال يكره.

والأقرب في ذلك الإيذاء فإذا كان يؤذي فإنه لا يجوز له أن يحضر صلاة الجماعة ويدل لهذا:

حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا”. (رواه البخاري ومسلم)، وإنما نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك لأن هذا يؤذي وإيذاء المسلم لا يجوز والله – عز وجل – يقول: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً”. (الأحزاب: 58) 

وفي الحديث القدسي: “من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب”. (رواه البخاري)

وعلى هذا نقول بأن حضور الجماعة لمن شرب هذا التبغ ليس أو الدخان أن هذا محرم ولا يجوز وليس هذا تخفيفاً عليه وإنما تنكيلاً وتعزيراً لفعله فيحرم هذا الفضل العظيم والبركات الكثيرة المترتبة على حضور صلاة الجماعة.

_____________________________________

المصدر: كتاب فقه النوازل في العبادات للدكتور خالد المشيقح.

مواضيع ذات صلة