صحة الأذان عبر المسجل أو المذياع
اختلف الفقهاء في حكم الأذان، فقيل: إنه فرض كفاية: وهو مذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن المعاصرين: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وقيل: إنه سنة مؤكدة.
والصواب من القولين أنه فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين .
والدليل على ذلك:
عن مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا فَقَالَ: “ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ”. (رواه البخاري)
وعندما سئل الشيخ ابن عثيمين (رحمه الله) عن مسألة صحة الأذام عبر المسجل، فقال: “نقل الأذان بواسطة التسجيل: لا يجزئ عن الأذان الشرعي؛ وذلك لأن الأذان الشرعي ذِكر وثناء على الله، ولا بد فيه من عمل، والتسجيل ليس بعمل؛ فإنك إذا سمعت المسجل لا يعني ذلك أن المسجل يعمل عبادة يتقرب بها إلى الله، وإنما هو سماع صوت شخص، ربما يكون قد مات أيضاً، فلا يجزئ عن الأذان الشرعي، فلا بد من أذان شرعي يقوم به المكلف يكبر الله، ويشهد له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، ويدعو إلى الصلاة، وإلى الفلاح، لا بد من هذا، وإذا قلنا إن ما سجل ليس بأذان مشروع: فإنه لا تشرع إجابته، أي: لا يشرع للإنسان أن يتابعه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) ونحن في الحقيقة لم نسمع المؤذن، وإنما سمعنا صوتاً مسجَّلاً سابقاً.”
وأما قول السائل: ما الفرق بين ما نقل على الهواء وما نقل بواسطة التسجيل: فالفرق ظاهر؛ لأن ما نقل على الهواء: فهو صوت المؤذن الذي يؤذن الأذان الشرعي، فهذا يجاب، ويتابع، ويدعو بعد المتابعة بما وردت به السنَّة، وأما الأذان المسجل: فليس أذاناً في الواقع، كما أشرنا إليه”. (فتاوى نور على الدرب)
للمزيد حول هذه المسألة ولمعرفة أحكام الأذان عبر المسجل، برجاء متابعة الفتوى للشيخ الدكتورسعد بن تركي الخثلان.